الثلاثاء، 11 سبتمبر 2012

الوضع في سوريا ما بين العاطفة والواقع

أتألم كثيرا لما يجري في الشام لا سيما مع الاستمرار اليومي في سقوط المئات من الناس في سبيل الوصول الى حقوقهم السياسية التي حرموا منها لعقود في مقابل مواقف خارجية قد يتفقوا او يختلفوا معها لكنهم يجمعون على رفض المساس بحرياتهم دون وجه حق. المؤذي بالنسبة لي اكثر ان بوادر نهاية الاقتتال لا تكاد تبدو في الأفق ولو أتت فلا أتصور انها مشابهة او حتى قريبة لما جرى في تونس ومصر ولا حتى باليمن.

هناك عوامل كثيرة تضمن ان المجموعة الحاكمة في دمشق لن تزول بسهولة فلها تحالفات وثيقة بدول كبرى لها تأثيرها كروسيا ولها كذلك حلفاء في الاقليم أقواهم في طهران وما يقل عنها كميليشيات الشيعة في جنوب لبنان وقطاع غير قليل من المفكرين وأصحاب الرأي والإعلاميين في دول المشرق العربي الذين يؤيدون النظام تبعا لمواقفه السابقة في القضية الفلسطينية ويرون في ما يجري أزمة لا تعدو ان تمر كما نجح عتاة دمشق في تجاوز غيرها خلال الأربعين سنة الماضية.

الشعب في سوريا لا يتعامل مع نظام عادي بل هو -وإن كنت اتمنى زواله في اقرب وقت- حصيلة لصراعات المنطقة الدامية التي لا تهدأ ، والتي اكتسب خلالها الكثير من فن الممكن وخسارة بعض المعارك للظفر في الحرب وما إلى ذلك من دهاليز السياسة التي لا يكاد يبسطها الا جاهل . اعني بذلك ان الأدوات التي ساهمت في إسقاط مبارك وبن علي لا يمكن ان تجدي لتهدأ عاصمة الأمويين  وأجزم ان حتى حلف الناتو لا يجرؤ ان يتعامل معه بشار كما تعامل مع القذافي.

من الصعوبة بمكان ان أضع حتى خطوط عريضة لما يمكن ان يكون مفتاح للخروج من الأزمة ، لكن هناك مصدر للتفاؤل هو انتصارات الجيش الحر هنا وهناك ، ذلك ان مثل هذا التقدم هو دافع كبير لينضم المزيد من اصحاب التأثير الى الثورة لا لإقتناعهم بأهدافها بل لقناعتهم بانتصارها كما جرى مع بعض المنشقين الذين اصبحوا رموزا إعلامية بدل ان ينضموا الى الثورة فعليا ، الامر الاخر هو ان استمرار المظاهرات الحاشدة خطر كبير على المتظاهرين ويتصور ان الإضرابات والاعتصام المدني خيارات اكثر فائدة لا سيما انها آمنة الى حد ما .

عندما انتصرت الثورات السابقة وتعالت عن خطر الانقسام والحرب الاهلية فذلك لا يعني بالضرورة ان الثورة السورية بمأمن من ذلك ، فالنموذج في لبنان جاهز وهو خيار موجود على الارض والتقسيمات التي تتوزع بينها القوى في لبنان موجودة في سوريا ، أيضاً قد يحاول الاسد ان سقط عسكريا في العاصمة ان يلجأ للساحل ويجمع قواه هناك كما حاول القذافي في سرت وصمد عدة شهور .

الصورة الزاهية الجميلة للدول العربية بعد ثوراتها خصوصا في تونس اتمنى ان تحدث في سوريا وان يتوحد الشعب تحت وحدة الدولة وتأسيس دستور جديد يحقق مطالب غالبية الشعب ولا يهضم حقوق اي فرد في ولو كان ينتمى الى أقلية عرقية او دينية 

اللهم بارك لنا في شامنا اللهم بارك لنا في يمننا